dimanche 20 novembre 2011

جديد الكتب المدرسية

أخيرا خرجت الوزارة من قوقعتها لتقرر إعادة إنتاج الكتاب المدرسي، تحت ضغط مقرر الوزير الأول الذي ألح على صياغة دفاتر تحملات جديدة ترتكز على التدقيق، من جهة، وتعتمد الوضوح في المعايير من جهة ثانية.

وفي هذا الإطار، تندرج المذكرة الوزارية رقم 122 الصادرة بداية الشهر الجاري في موضوع مراجعة البرامج الدراسية لسلك التعليم الابتدائي، ثم المذكرة 123 بالتاريخ نفسه حول إعداد جيل جديد من الكتب المدرسية لسلك التعليم الابتدائي. وتستند المذكرتان على وثيقة مشروع البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بالتعليم الابتدائي تم إعدادها من قبل مديرية المناهج خلال موسم 2011/2010. ويروم تعميم المذكرة فتح نقاش جهوي وإقليمي حولها بقصد إعدادها وتطبيقها ابتداء من الموسم 2013/2014. فهل كان من الضروري أن ترهن الوزارة أجيالا، مدة عشر سنوات، في مختبرها المشكل من الإداريين والمؤلفين والناشرين لمعرفة حجم الاختلالات التي رصدتها هي نفسها بعد إقدامها على تشخيص حالة تدريس المواد التعليمية بالابتدائي عبر إعداد تقارير جهوية في بعض الأكاديميات وتقارير أنجزتها المنسقية المركزية للتعليم الابتدائي؟
لقد تبين للوزارة، وفق وثائقها الرسمية، ضرورة ما سمته «إزالة كل الشوائب المتعلقة باحترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وكذا الحاجة إلى إعادة تكييف البرامج مع الغلاف الزمني الأسبوعي بالتعليم الابتدائي عقب إدراج اللغة الأمازيغية بجميع المستويات، إضافة إلى حاجة الميدان إلى وثيقة تولف بين الوثائق الرسمية المعتمدة، مع ضرورة تكييف الكتاب المدرسي مع المستجدات التي تعرفها الساحة». بعد اكتشافها حجم الشتات على مستوى الوثائق المعتمدة في الميدان وعدم الانسجام بينها، أنتجت اللجان المكلفة رزنامة من الوثائق المتعلقة بالبرامج والتوجيهات التربوية المنقحة لسلك التعليم الابتدائي، والإطار المنهجي لتصريف المقاربة بالكفايات، والتوجيهات التربوية الخاصة بتصريف المواد الدراسية وبرامجها، ودفتر التحملات الإطار المحين الخاص بتأليف الكتب المدرسية، إضافة إلى دفاتر التحملات الخاصة المحينة للمواد الدراسية بالسنتين الأولى والثانية.
وحددت الوزارة مجموعة من البدائل المقترحة تتعلق ببعض الإزاحات الضرورية والحذوفات الممكنة والإضافات المناسبة ونقل ديداكتيكي ملائم.
فعلى مستوى المضامين بالنسبة إلى الغة العربية، رصدت التقارير كثافة المضامين وتكرار ورودها عبر مستويات متعددة أكثر من اللازم، وضعف انسجام بعضها مع الكفايات المستهدفة، إضافة إلى أن بعضها غير وظيفي وغير مناسب لتلاميذ المدرسة الابتدائية. أما على مستوى المقاربات الديداكتيكية، فإنها لم تكن تُفَعَّل بالشكل المطلوب، ولم تكن تولى أهمية ملحوظة لتوليف وإدماج التعلمات، إلى جانب ضعف الاهتمام بإنماء الكفاية الشفوية وقصور واضح في اعتماد تدريس مكون التواصل الشفوي.
وهكذا، قررت الوزارة بالنسبة إلى العربية حذف 50 في المائة من نصوص التعبير في السنتين 1 و 2، وحذف 50 في المائة من مواضيع الإنشاء في السنتين 5 و6، وحذف بعض النصوص القرائية مع الحفاظ على أنواعها، وحذف بعض الحصص اللغوية لتقليص الغلاف الزمني الأسبوعي، وحذف بعض الظواهر والقواعد اللغوية لعدم وظيفيتها في الابتدائي كدرس البدل ودرس النعت السببي.
أما في عمليات الإزاحة، فعزمت الوزارة على إزاحة بعض الدروس والقواعد اللغوية من مستوى أدنى إلى مستوى أعلى للتخفيف والتيسير على المتعلم، وكذا إزاحة بعض الحروف من المرحلة الأولى إلى المراحل الأخرى في المستوى الأول ابتدائي، وإزاحة بعض الموارد من مرحلة إلى أخرى لتتلاءم مع الكفاية عبر مراحل إنمائها.
ومن البدائل المقترحة في مجال الإضافات بالنسبة إلى الغة العربية، قررت الوزارة إضافة بعض الظواهر اللغوية المطلوبة كموارد لبعض الكفايات منها درس الميزان الصرفي ودرس صيغ المبالغة، وإضافة مجموعة من الأساليب اللغوية لحصص التعبير والتواصل الشفوي كأساليب الاستدراك والأمر والنهي والتوكيد والاستحسان والاستنكار والنصح والتحذير..مع إضافة مكون التواصل الشفوي مندمجا مع التعبير في المستويات 1و2و3، ومستقلا بذاته في المستويات 4 و 5و 6، ثم إضافة محاور في مجالات جديدة، أو تعديل أخرى كمجال حقوق الإنسان والمواطنة والسلوك المدني ومجال الإنتاج الفلاحي والصناعي وحماية البيئة ومجال الخدمات الاجتماعية والمهن ومجال الحضارة المغربية.
وتتمثل دواعي تحيين برنامج اللغة الأمازيغية على مستوى المضامين في كثافة المضامين وعدم التوافق بين كمها والغلاف الزمني المخصص للمادة. أما على مستوى المقاربات الديدكتيكية باقتصار المعينات الديداكتيكية على كتاب المتعلم ودليل المدرسة والمدرس، أما على مستوى التوافق بين الكفايات والموارد فسجل عدم وضوح ملمح المتعلم.
وفي مادة التربية الإسلامية رصدت التقارير أن البرنامج يقدم جميع أنواع أحكام العبادات في السلك الابتدائي، كما تقدم دروس في مستويات دراسية لا تتلاءم والمرحلة العمرية للمتعلم كصفات الله في المستوى الخامس والمعجزة والملائكة في الرابع، كما يتم إعادة دروس في مستويات عليا دون ضرورة بيداغوجية كالتحية والكلام القبيح، ناهيك عن طول الغلاف الزمني لتقديم دروس العقيدة والعبادات والآداب الإسلامية خصوصا في المستوى الأول ( 3 حصص) مقارنة مع المحتوى المقدم. وسجلت التقارير كثرة حصص مراجعة السور القرآنية (8أسابيع) في بداية كل سنة دراسية. وقد اعترفت التقارير على مستوى المقاربات الديدكتيكية بغياب وثيقة تضم التوجيهات التربوية الخاصة بالمادة، وبأن المقاربة الديداكتيكية تخدم الأهداف أكثر مما تخدم الكفايات، مع الخلط بين الكفاية والهدف التعلمي...

عن جريدة الصباح

lundi 14 novembre 2011

أهم أساليب وطرق التنشيط



من أهم أساليب وطرق التنشيط
بعد هذا المدخل ، ينبغي أن نشير إلى أنه ليس هناك أسلوبا واحدا بعينه ، يمكن اعتماده دون سواه من الأساليب الأخرى ، بل لابد من التمتع بالنظرة الشمولية التي تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة التكاملية الموجودة بين كل الأساليب التي سنعرض لها فيما يلي ، وعليه ، يمكن أن نقول أن من بين أهم الطرق المشهورة في بيداغوجيا الكفايات ، يمكن على سبيل المثال لا الحصر ، الإشارة إلى الطرق والأساليب التالية :

1 / طريقة الوضعية المسألة
( situation problem)

وهي أشهر الطرق المعمول بها في هذا المجال في العديد من المواد الدراسية ، وتقوم على أساس وضع المتعلم أمام مشكل ، أو إشكال في ظل وضعية تعليمية معينة ، ودفعه عن طريق المساعدة غير المباشرة والتوجيه ، لتحليله إلى عناصره الأساسية ، واستخدام معارفه ومهاراته المختلفة ، مع استخدام الأدوات والوسائل المتاحة من أجل إيجاد حل له .
و لا تختلف هذه الطريقة مع طريقة حل المشكلات إلا في كون الوضعية المسألة تتعلق في الغالب بمشكلات جزئية ذات ارتباط بدرس أو وحدة معينة ، في حين قد تشمل الثانية مشكلات أكثر عمقا وشمولية ، بحيث قد تشمل مجموعة من الوحدات الدراسية ؛ ويمكن التمثيل للأولى بدرس في الفرائض خاص ، كطرح إشكال حول ترتيب العصبة ، أو أصحاب الفروض، أو تحديد الوارث من غير الوارث في موضوع الحجب مثلا ، وبالنسبة لطريقة حل المشكلات ، يمكن طرح إشكال عام يشمل حالة أو حالات(فريضة) معقدة في موضوع المواريث ، وعلى المتعلم إيجاد حل لها انطلاقا من مكتسباته التي تدرب عليها بشكل جزئي ، حالات تشمل كل مكونات الدروس المقررة في الموضوع.
ولطبيعة الوضعية المسألة الجزئية ، والمرتبطة أساسا بوضعية تعليمية محددة من بين مجموعة من الوضعيات التعليمية المتنوعة ، فإنها في الغالب تأخذ دلالة حددها دوكيتيل روجيرز بأنها < مجموعة من المعلومات التي ينبغي تمفصلها والربط بينها للقيام بمهمة في سياق معين > بمعنى أنها تكون مبنية ومدرجة في سيرورة منظمة من التعلمات.
فالوضعية المسألة ليست بالضرورة وضعية تعلم ، فقد تقترح وضعيات مسألة للتقويم، كما يمكن اقتراحها للدعم والتثبيت أيضا .
فكلما كانت المهام المحددة للوضعية المسألة محفزة ومشوقة للتلميذ ، كلما كانت ذات دلالة وجدوى تعليمية بالنسبة له .

2 / طريقة حل المشكلات
إن الكفاية أو الكفايات ليس عملية سلوكية صرفة ، بمعنى أننا لا ننظر إليها بمنظور المدرسة السلوكية التي تضفي الفهم السلوكي على الشخصية الإنسانية ، بردها أو تفسيرها التعلم والتعليم بقانون المثير والاستجابة ، ولكن الكفاية هي نظام ، نظام من المعارف والمهارات العملية التي يمكن التخطيط لها ضمن عمليات إجرائية ، تنتهي بتأهيل المتعلم لتحسين مستويات تكيفه مع محيطه الذي يعيش فيه ، ويتفاعل معه باستمرار ، وذلك عن طريق تمكينه من الأدوات والآليات التي تسمح وتساعده على التعرف على مختلف المشكلات التي يفرزها محيطه، وبالتالي تمكينه من استجماع وتسخير مختلف تلك المعارف والمهارات الذهنية والعملية المكتسبة سابقا من أجل إيجاد حل أو حلول لمختلف تلك الإشكالات ومثيلاتها ، شريطة تدربه بشكل مسبق على معالجة صنف أو أصناف منها في وضعيات تعليمية سابقة ، وبالتالي فإنه يصبح قادرا على حل مختلف المشاكل التي سوف يواجهها في الحياة العامة ، ولذلك كانت طريقة حل المشكلات من الطرق الفاعلة في إكساب واكتساب الكفايات ، ولا يمكن بحال فصلها عن التدريب على حل مشكلات أو صنف من المشكلات في وضعيات تعليمية بشكل مسبق ، كما لا يمكن بحال استبعاد الفروق الفردية ، من حيث نوعية المكتسبات السابقة ، والاختلاف في الاستعدادات بين الأفراد .

3 / طريقة الجدال:

وهي < تقنية في التنشيط تقسم المجموعة إلى << تحالفين >> كل منهما يدافع على فكرة معارضة تتعلق بموضوع معين ، ويستهدف هذا الشكل من النقاش تعلم تقديم الحجج والجدال ، وتنمية الفكر النقدي ، وحس النسبية > وينطلق النقاش في هذه التقنية على أساس إشكال ، و< يطرح الإشكال في هذه التقنية بطريقة تمكن المتعلمين من الدفاع عن الموقف <<المؤيد>> أو <<المعارض>>( د. عبد الرحيم هاروشي . بيداغوجيا الكفايات : مرشد المدرسين والمكونين .ترجمة الحسن اللحية , عبد الإله شرياط . نشر الفنك . الدار البيضاء . يونيو 2004 . ص: 173) .
ويمكن أن تتشكل المجموعتان بطريقة اختيار شركاء كل فريق بمحض إرادتهم ، كما يمكن أن يتم فرض التشكيلتين من طرف المدرس ، الذي ينحصر دوره خلال النقاش على التوجيه الشكلي دون التدخل في الجوهر ، مع الحرص على توزيع الكلمة بين جميع المشاركين من أجل إثارة ردود الأفعال ، و يشكل الإعداد القبلي فرصة لكل فريق لجمع المعطيات وإعداد الحجج والأدلة ، قبل البدء بالجدال والمناقشة ، على أن يفضي النقاش إلى لم شتات الموضوع ، والخلوص إلى خلاصة تبين خطأ الآراء غير الموافقة لقوانين الشريعة والفطرة ، وتعزز ما وافقهما منها .


4 / الزوبعة الذهنية :
وتسمى أيضا بأسلوب العصف الذهني ، وهو شكل من أشكال النقاش الذي ينصب حول موضوع معين ، ويستهدف إنتاج أكبر عدد من الأفكار ذات الارتباط بالموضوع المطروق بدون كبح للآراء كيفما كانت طبيعتها ، بما يشجع على التعبير عن الأفكار دون خوف أو خجل، ويمكن من استلهام أفكار الآخرين من أجل إغنائها .
وفي هذه التقنية < ليس هناك شيء ممنوع ( يمكن أن نقول أي شيء ، ونتجرأ على أي شيء، لأنه ليس هناك انتقاد أو حكم على ما يقوله أحد الأفراد ) .. فكلما كانت الأفكار المصاغة كثيرة ، كلما كانت هناك حظوظ لكي تظهر الأفكار المناسبة > .
ويمكن أن تستعمل هذه التقنية في وضعيات تعليمية تعلميه مختلفة ، كما لا ينبغي في الوقت نفسه أن تستغرق المناقشة وصياغة الأفكار كامل الحصة ، بل لابد من تخصيص فترات للقيام بأنشطة أخرى من أنشطة الدرس ، وتتوقف نجاعة هذه التقنية على جودة الإعداد ، وجودة اختيار الموضوع، وأسلوب عرضه.
وتعتبر هذه التقنية من التقنيات السهلة التنفيذ ميدانيا ، إذا ما احترمت بعض الشروط المساعدة على إنجاحها ، وقد أورد الدكتور هاروشي مجموعة من تلك الشروط ضمن كتابه عن بيداغوجيا الكفايات يمكن الرجوع إليها .
وينحصر دور الأستاذ كمنشط في الحرص على تحقيق مجموعة من الشروط ، كالحرص على حسن تدبير زمن الإنجاز ، وحسن سير النقاش ، وخلق جو من الثقة حتى يشعر الجميع بالارتياح للمشاركة في النقاش ، مع الحياد، والمساعدة في الصياغة الواضحة للأفكار المنبثقة عن النقاش ، والتدخل المناسب لتجنب احتكار الكلمة ، والمساعدة في دحض الأفكار المتطرفة المتصلبة وبيان عدم صوابيتها ومجافاتها لتعاليم الشريعة ، والمنطق ، والفطرة ، والقيم والعادات السائدة...
بطبيعة الحال ـ وكما أشرنا إلى ذلك في البداية ـ فإن هناك أساليب وطرقا عديدة ، يمكن توظيفها وتجريبها على الأقل في تناول مختلف المواضيع التي تعالجها مفردات المقررات الدراسية ميدانيا، ويمكن أن نذكر من هده الأساليب ، أسلوب دراسة الحالة الذي يسمح بدراسة وضعيات أو مشكلات إجرائية واقعية أو خيالية ، بهدف إيجاد أو اقتراح حلول ، أو استنباط قواعد أو مبادئ صالحة للتطبيق في حالات مشابهة ، مما يمكن من تطوير الخبرات في مجال حل المشكلات .
وهناك أسلوب لعب الأدوار الذي يكون مجديا في بعض الوضعيات التعليمية ، وهو أسلوب يعزز قدرات التواصل لدى المتعلمين ، لارتباطه الوثيق بالمجال النفسي العاطفي ، وتكوين المواقف والاتجاهات فيما يخص العلاقات البين- شخصية ، ويمكنهم من الاكتساب التلقائي للمواقف المستحسنة اجتماعيا ، والوعي بإحساسات الآخرين ، لعل هذا الأسلوب يكون مجديا مع المستويات الدراسية الدنيا .
إنها طريقة < محفزة بشكل كبير ، وتقبل بسهولة من طرف المتعلمين ، ولا تكلف كثيرا، وكذلك لأن حصة لعب الأدوار لا تتطلب سوى منشط واحد (هو المدرس في هذه الحالة ) ومتعلمين وإعداد جيد .>( د.هاروشي . مرجع سابق). وتنصب المناقشة عقب الانتهاء من لعب الدور على محتوى الحوار، وردود أفعال اللاعبين ، وجودة التواصل ، وتقديم النصائح من قبل المنشط ، والخروج باستنتاجات ....
وهناك طبعا الورشات التي تركز على الأشغال التطبيقية ، وأساليب العرض المنطلق من موضوع من المواضيع المرتبطة بمفردات المقرر ، وهناك أيضا أسلوب المائدة المستديرة ، التمارين المكثفة ، وغيرها من الطرق والأساليب
الأخرى التي لا يتسع المجال لعرضها بأكملها


المنهاج التربوي المغربي الجديد



المنهاج التربوي المغربي الجديد

مدخل:
تأتي مساهمتنا هذه في سياق مقاربة بعض عناصر الأجوبة والنقاش للأسئلة القيمة التي عملتم على طرحها من خلال موضوع: "مناهجنا التعليمية.. بين الواقعية والتنظير.."؛ وذلك بتقديم التجربة المغربية في تجديد المنهاج التربوي، وفق التطورات والتحولات المجتمعية والمعرفية المحلية والعالمية الحديثة. وبتقديمنا للتجربة المغربية، نتوخى كذلك  إغناء الثقافة التربوية العربية المقارنة لدى الفاعلين التربويين، أفرادا وجماعات، ومد مزيد من جسور التواصل والتفاعل البين-عربي في ميدان ريادي وحاسم في تطور المجتمعات، يظل مهمشا كثيرا في اهتماماتنا الفردية واختياراتنا السياسية الجمعية.

وعليه، فإننا اعتمدنا في مقاربتنا لهذا الموضوع على الخطاطة المنهجية التالية:
1- التعريف بالمنهاج التربوي.
2- تقديم عناصر المنهاج التربوي المغربي.
3- خلاصة وتقييم عام.


أولا: تعريف المنهاج لتربوي(التعليمي):
يمكن اعتبار المقاربة المنهاجية لتنظيم وهندسة المنظومة التربوية والتعليمية من المقاربات التربوية الحديثة التي حاولت تجاوز ثغرات وسلبيات المقاربة التقليدية المتمركزة على المحتويات والمضامين الدراسية؛ وبصفة عامة، يمكن تعريف المنهاج التربوي (Curriculum)بأنه تخطيط للعمل البيداغوجي أكثر اتساعا من المقرر التعليمي؛ فهو لا يتضمن، فقط، مقررات المواد، بل أيضا غايات التربية وأنشطة التعلم والتعليم، وكذلك الكيفية التي سيتم بها تقييم التعلم والتعليم (D Hainaut.L1983).

وعليه فأن المنهاج التربوي يحدد باعتباره:
  • تخطيط عملية التعليم والتعلم، ويتضمن الأهداف والمحتويات والأ نشطة ووسائل التقويم.
  • مفهوم شامل لا يقتصر على محتوى المادة الدراسية، بل ينطلق من أهداف للتحديد الطرق والأنشطة والوسائل.
  • بناء منطقي لعناصر المحتوى، على شكل وحدات، بحيت إن التحكم في وحدة يتطلب التحكم في الوحدات السابقة.
  • تنظيم لجملة من العناصر والمكونات بشكل يمكن من بلوغ الغايات والمرامي المتوخاة من فعل التعليم والتعلم (سلسلة علوم التربية، عدد4).



ثانيا: عناصر المنهاج التربوي المغربي:
ينطلق المنهاج التربوي المغربي من مرجعية أساسية ألا وهي "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"والتي تعتبر ك"دستور تربوي" توافقت عليه أغلب القوى الحية في البلاد: الأحزاب الممثلة في البرلمان،النقابات الأكثر تمثيلية، بعض جمعيات المجتمع المدني، علماء، شخصيات فاعلة،مقاولات... وقد عمل"الكتاب الأبيض"للتربية والتكوين على أجرأة وتدقيق محتويات الميثاق لبلورة المنهاج التربوي المغربي، الذي ينطلق من الفلسفة التربوية للميثاق وذلك لتحديد الاختيارات التربوية الموجهة لمراجعة (وبناء) مناهج وبرامج التربية والتكوين، التي تنطلق من المبادئ والأهداف التالية:
  • اعتماد العلاقة التفاعلية بين المدرسة والمجتمع، باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم الاجتماعي، وعاملا من عوامل الإنماء البشري المندمج.
  • وضوح الأهداف والمرامي البعيدة من مراجعة مناهج التربية والتكوين، والتي تتجلى أساسا في:
    • المساهمة في تكوين شخصية مستقلة ومتوازنةومتفتحة للمتعلم المغربي، تقوم على معرفة دينه و ذاته ولغته وتاريخ وطنه وتطور ات مجتمعه.
    • إعداد المتعلم المغربي لتمثل و استيعاب إنتاجات الفكر الإنساني في مختلف تمظهراته ومستوياته، ولفهم تحولات الحضارات الإنسانية وتطورها.
    • إعداد المتعلم المغربي للمساهمة في تحقيق نهضة وطنية اقتصادية وعلمية وتقنية، تستجيب لحاجات المجتمع المغربي وتطلعاته.
  • استحضار أهم خلا صات البحت التربوي الحديث ف مراجعة(وبناء) مناهج التربية والتكوين، باعتماد مقاربة شمولية ومتكاملة تراعي التوازن بين البعد الاجتماعي والوجداني والبعد ألمهاراتي، والبعد المعرفي، وبين البعد التجريبي والتجريدي، كما تراعي العلاقة البيداغوجية التفاعلية وتيسير التنشيط الجماعي.
  • اعتماد مبدإ التوازن في التربية والتكوين بين مختلف أنواع المعارف، وبين مختلف أساليب التعبير(فكري، فني، جسدي) وبين مختلف جوانب التكوين(نظري، تطبيقي عملي).
  • اعتماد مبدإ التنسيق والتكامل في اختيار مضامين المناهج التربوية، لتجاوز سلبيات التراكم الكمي للمعارف ومواد التدريس.
  • اعتماد مبدإ التجديد المستمر و الملاءمة الدائمة لمناهج التربية والتكوين وفقا لمتطلبات التطور المعرفي والمجتمعي.
  • ضرورة مواكبة التكوين الأساسي والمستمر لكافة اطر التربية والتكوين لمتطلبات المراجعة المستمرة للمناهج التربوية.
  • اعتبار المدرسة مجالا حقيقي الترسيخ القيم الأخلاقية و قيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديمقراطية (الكتاب الأبيض،2002).

ولبلورة وهندسة هذه الاختيارات والمبادئ العامة في المنهاج التربوي المغربي، تم اعتماد التربية على القيم(قيم العقيدة الإسلامية،وقيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية، و قيم المواطنة، وقيم حقوق الإنسان...) واعتماد بيداغوجيا الكفايات، كبيداغوجيا حديثة وفعالة، لتنمية وتطوير الكفايات التربوية والتكوينية، وكذلك التربية على الاختيار واتخاذ القرار.كما تم،من الناحية التنظيمية، إعادة هيكلة السنة الدراسية، واعتماد نظام المجزوءات،واللامركزية التربوية، وإحداث مؤسسات ومجالس تربوية جهوية وإقليمية ومحلية وداخل مؤسسات التربية والتكوين...


ثالثا: خلاصة وتقييم عام:
إن الإصلاح الجديد لمناهج التربية والتكوين في المغرب، والذي بدأ تطبيقه تدريجيا في مختلف مؤسسات التربية والتكوين منذ 1999، يعتبر قفزة نوعية في تاريخ المنظومة التربوية المغربية، من أجل تحديثها تربويا  و قيميا وتنظيميا بالمقارنة مع ما كان سائدا قبل الإصلاح الجديد هذا. لكن رغم بعض المعطيات و الديناميات الإيجابية- خصوصا على مستوى التاسيس النظري والنصي- التي خلقها هذا الاصلاح المنهاجي، وبالرغم من بعض المجهودات  التنظيميةو المالية التيتبدلها الدولة المغربية، فإنه على مستوى الواقع العيني لازالت تعتوره بعض المعوقات والسلبيات التي يمكن إجمال بعضها فيما يلي:
  • عدم المواكبة المالية والمادية والبشرية الكافية للإصلاح ومتطلباته الحقيقية (عدم كفاية الميزانية المالية المخصصة للتعليم، قلة الأطر والمناصب المالية، ضعف وعدم كفاية وجودة البنيات و الفضاءات التربوية والتكوينية...)
  • عدم المواكبة الكافية والفعالة للإصلاح من حيث التاطير والتكوين المستمر، وتجديد التكوين لأطر التربية والتكوين.
  • عدم العناية الكافية بالموارد البشرية التربوية من الناحية الاجتماعية والإدارية، حيث تبقى المجهودات الرسمية المبذولة في هذا الميدان غير كافية أمام تراكم المشاكل والصعوبات الاجتماعية و الإدارية التي تعاني منها أطر التربية والتكوين (الأجرة ونظام التعويضات، السكن الإداري، التنقل، الحركة والتعيينات، الظروف المهنية الداخلية...).
  • تعقد بعض المعطيات السوسيو-ثقافية و الاقتصادية لمحيط المؤسسة التعليمية والتي تؤثر سلبا عليها، حيث هناك علا قة تأثير وتأثر جدلية ومتبادلة بين المجتمع والمؤسسة التربوية، مما يجعل أي إصلاح تربوي، وأي إصلاح للمناهج التربوية يرتبط بنيويا ووظيفيا بباقي الإصلاحات المجتمعية الإيجابية الأخرى (سياسية،أجتماعية، اقتصادية، ثقافية...).

في الأخير، نظن بان المغرب التربوي يحاول ما أمكن،رغم وجود بعض المعوقات، التكيف والتغير مع المعطيات المعرفيةوالقيمية والمجتمعية الجديدة (المحلية والعالمية) التي تفرضها عدة معطيات وتحديات موضوعية جديدة، كالحاجة إلى التحديث المعرفي و القيمي والمؤسساتي والمجتمعي عامة، لرفع تحديات التنمية والتقدم والتماسك الوطني وتلبية الحاجيات المجتمعية الأساسية، والقدرة على دخول غمار المنافسة العالمية الشرسة التي أصبح يفرضها واقع العولمة، بزحفه الاقتصادي والاجتماعي والقيمي...على المجتمعات العربية. ونظن، وكما هو مؤكد، أن البوابة الملكية للدخول إلى امة قوية، والرافعة الأساسية لتقدم وتنمية هذه الأمة، هو نظام التربية والتكوين، والمناهج التعليمية القوية والفعالة مجتمعيا.


_____________________

المراجع:
1.-D'Haint.L, 1983: Des fins au objectifs de l'éducation.Ed Labor, Bruxelles et fernaud Nathan, Paris.
2. سلسلة علوم التربية، العدد4، 1990.
3. الكتاب الأبيض، الجزء الأول، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتاهيلي، يونيو 2002.
***************************
* نشر بموقع:www.tarbya.net

افتتاح

باسم الله الرحمان الرحيم
اليوم بحول الله أفتتح هذا الموقع الذي سيهتم بجديد التربية والتعليم بالمغرب وبالمستجدات التربوية وبسبل وطرق التدريس والتعليم ومناهجه فانتظرونا قريبا